مقالات علميةالزراعة العضوية

انعكاسات التغيرات المناخية والمعالجات المقترحة لتقليل تكرار العواصف الغبارية وخفض درجات الحرارة في العراق

د. ضياء بطرس يوسف
دائرة البحوث الزراعية، وزارة العلوم والتكنولوجيا-بغداد/العراق
dpyousif@yahoo.com

هناك اهتمام عالمي بالتغيرات المناخية واثارها المستقبلية على الانسان والزراعة والبيئة في ظل التسارع الكبير فيDr.Dheya Yousif النمو السكاني والحاجة لأنتاج الغذاء وتحقيق الامن الغذائي، للبلدان النامية عموماً والمناطق شبه الجافة خصوصاً.اعدت هذه الدراسة للوقوف على متطلبات معالجة تأثير التغيرات المناخية وانعكاساتها على ارتفاع درجات الحرارة وتأثير الرياح الجافة وتكرار العواصف الغبارية في المنطقتين الوسطى والجنوبية بوجه خاص وكل ارض العراق بوجه عام، وبالتالي فهم اثارها البيئية والاقتصادية والاجتماعية والصحية وربما السياسية في الوقت الحاضر والمستقبل، للوصول الى الوسائل الناجعة لتقليل الاثار السلبية وتحقيق النتائج الملموسة في خفض تزايد ارتفاع درجات الحرارة والغبار من جهة والنهوض بالبيئة وتشغيل الانسان واستثمار النتائج المتحققة اقتصادياً واجتماعياً وبيئياً . توضح الدراسة عرضا مقتضباً (نسبياً) لدور الغطاء النباتي واهمية الاستزراع وانشاء الغابات والمحميات النباتية وما تعكسه من فوائد مختلفة للانسان والبيئة من جهة، ويليها مقترح مشروع ربما تشترك به عدة جهات وطنية بهدف تحقيق التكامل في الجهود العلمية والفنية للوصول الى الهدف المنشود بجعل مدن العراق التي تقع على حواف الصحاري عموماً، وبغداد خاصةً انموذجا بيئياً يتغنى به كل عراقي، ويتم خفض درجة الحرارة بما لا يقل عن 4-6 درجات مئوية وتحقيق تقليل اثار العواصف الغبارية وتلطيف المناخ والبيئة.

 المقدمة
تهتم وكالة ناسا الفضائية وجميع البلدان المتقدمة بموضوع ارتفاع درجة حرارة الارض والمناطق الساخنة فيها، حيث اطلقت العنان للدراسات والبحوث الموسعة، التي تتضمن تشجيع التشجير وزيادة الغطاء النباتي، وتقليل استخدام كل ما يؤثر سلبياً في الغلاف الجوي والحيوي للأرض، فاستقرت الى جملة من الاستنتاجات اهمها وجوب زراعة الاشجار في داخل المدن كما في محيطها لاجل تلطيف البيئة وتنقية الهواء فضلاً عن الفوائد الاخرى، وعليه، ربما ياتي التساؤل الاتي: ما هي اهمية النباتات والاشجار بالنسبة للانسان،  باستثناء الناحية التغذوية، اي ما هي فوائدها وانعكاساتها على البيئة عموماً والجوانب الاقتصادية والصحية على المدن الكبيرة بوجه خاص؟ في الحقيقة، كان للنباتات النامية في عموم اليابسة دوراً مهماً في رفاهية السكان وتحسين البيئة  الى جانب اهميتها في ادامة الحياة لجميع الكائنات الحية. ربما يعلل البعض ذلك، بفضل المساحة الشاسعة التي بلغت نصف مساحة الكرة الارضية حتى بداية القرن الماضي. اذن، ما الذي تغير؟ والجواب هو الكثير، فتقلصت المساحة المزروعة بدرجة كبيرة بعد منتصف القرن العشرين، ولأسباب عديدة. بالنسبة لوطننا العربي، تقدر مساحة الغابات بنحو 93.8 مليون هكتار، اي ما يعادل 6.7% من المساحة الجغرافية الكلية، بينما تبلغ نسبتها حوالي 29.7% على المستوى العالمي. اما بالنسبة للعراق، فيتوضح من هذه الاحصاءات اهمية ووجوب الاهتمام بالغابات الطبيعية التي تشكل نحو 5% من مساحتة، اي اقل بكثير من معدلاتها على المستويين العربي والدولي، فضلاً عن تدهور الاراضي الصالحة للزراعة وعدم صيانتها وتحقيق الاستدامة البيئية، ووجود مساحات هائلة خارج الخدمة، اي  الصحاري التي باتت تهدد الانسان في عيشه وصحته. تمثل النباتات هبة البارىء الكريم لأفضل خلقه، بتنوعها بين الاشجار من النباتات المعمرة، والنباتات ثنائية الحول والنباتات الزهرية الموسمية التي لا يزيد عمرها عن عدة اشهر، فكونت لوحة زاهية المنظر متعددة الالوان خطتها ريشة خالق الخلائق. فهذه اشجار السنديان والبلوط والصنوبر والاكاسيا والسيسبان والنبق والجوز واللوز والفستق والحبة الخضراء والسماق والتين والزيتون والعنب واشجار السرو واليوكاليبتوس والقوغ والبيسيا وغيرها الكثير تنمو بصورة طبيعية منذ الاف السنين بعناية الخالق العظيم، لتقدم اجل خدمة للانسان واستخداماته من حيث الاخشاب والراتنجات ومواد الدباغة والدواء وثمار التغذية، فضلا عن الكثير من المنتجات الزراعية والعلفية الاخرى. اما المحاصيل، الحقلية منها والبستنية، ونباتات الازهار بجمالها الاخاذ، فانما تعكس محبة الله للانسان، لكيما يقوم بانشطته المختلفة ذاكراً فيها نعمته ” واذكرو نعمتي عليكم…”.

 تقع اغلب العواصم الجميلة والكبيرة في اوروبا واسيا وامريكا وسط الغابات الشاسعة ليست بالصدفة، بل للفوائد الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، وهو حال بابل الكلدانيين وجنائنها المعلقة و عاصمتنا بغداد في زمن الرشيد. اما اليوم، فبغداد هي اكثر العواصم سخونة وتلوثا واقلها زرعا في الوقت الذي يتخللها نهري دجلة والفرات الخالدين، فتجدها خالية من الغطاء النباتي عموما، والغاباتي بشكل خاص. وعليه، فقد اعدت هذه الدراسة بهدف تحسين ظروف البيئة من خلال التذكير والارشاد للاهتمام بانشاء الغابات، كجزء من الاساليب الناجعة لتقليل التأثيرات السلبية للتغيرات المناخية، ومن خلالها احياء ذكرى يوم الشجرة لا على اساس الاحتفال التقليدي،  بل اتخاذ هذا اليوم مناسبة وطنية يزرع فيها كل عراقي شجرة واحدة في العام على الاقل لنصل الى اكثر من 160 مليون شجرة في خمسة اعوام، وحصة بغداد منها حوالي 25%، ونكفل بالتالي احاطة مدننا بالزرع والشجر، غير متناسين الشعار القائل ” الشعوب تحيا عندما تزهر الصحراء”.

دور الاشجار والشجيرات في البيئة والغذاء والاقتصاد
تميزت النظم الزراعية العالمية المختلفة بوضع الاهداف الرئيسة التي تبتغي توفير غذاء الانسان، فملبسه ثم احتياجاته الصناعية الاخرى. جاء هذا الاهتمام بانعكاساته السلبية على المحميات الطبيعية المتمثلة بالغابات والاحراش بما تحتويه من موارد نباتية وحيوانية. لكي نكون منصفين بحق انفسنا، فان مثل هذه القسوة البيئية انما جاءت نتيجة الحاجة الفعلية لتوسيع زراعة المحاصيل الحقلية والبستنية. فلا يمكن العودة بالزمن الى الوراء مع تسارع النمو السكاني واتساع الفجوة الغذائية، فنستذكر ما قاله العالم الراحل الدكتور نورمان بورلوك والحائز على جائزة نوبل في اوائل السبعينيات ” اننا لا نستطيع ان نعيد عقارب الساعة الى الوراء، فالمساحة المطلوب زراعتها من القمح الان، اذا ما قيست على اساس صنف الحنطة مكسيباك يجب ان تزيد على 1.7 مليون هكتار، اي ضعف المساحة الزراعية المتوفرة في الكرة الارضية، وهذا لا يمكن توفيره في عالم ما بعد الالفين، حيث الزيادة السكانية وحاجتها الى بناء المساكن وشق الطرق والخدمات، الى جانب الحاجة الاكبر لزراعة المحاصيل المختلفة، ناهيك عن الظروف المناخية والكوارث المختلفة التي لحقت بها نتيجة سوء استخدام الانسان للموارد الطبيعية التي وهبتها القدرة الالهية. يؤشر ذلك  وجوب السعي الحثيث لزيادة الغلة بالاتجاه العمودي من جهة والحفاظ على الموارد الوراثية الغاباتية وغيرها، بتنوعها واختلافها، كونها ثروة الاجيال القادمة بعيدا عن نظريتي مالثاس واوجست كونت، بل مؤمنين ان العقل الانساني النير بمباركة خالق الكون كفيل بتحقيق الرفاه والسعادة للبشر قاطبة، على اساس الاستفادة منها على صعيد:
انتاج الغذاء والاعلاف
-المنتجات الطبية والصناعية
-تربية الحيوانات والحشرات
-الصناعات اليدوية وتشغيل الايدي العاملة
-حماية البيئة
-الجوانب الاجتماعية والسياحة
فالكثير من الحرف اليدوية التي تعنى بصناعة الاثاث المنزلي والزراعي لا زالت محط انظار الكثيرين كونها تعبر عن المهارات الفردية  النادرة، حيث تعتمد على جمع الاحطاب وتصنيع التحف الخشبية الى جانب ما تقدمه من مواد البناء والتدفئة  وغيرها. يتمتع سكان العراق بخبرة واسعة في مثل هذه الصناعات من خلال تجربتهم العتيدة مع النخلة سيدة الشجر.

 دور الغابات في حماية البيئة:
تؤثر الاشجار والشجيرات بشكل مباشر او غير مباشر على البيئة المحيطة، فتحمي موارد الانتاج وتحفظ التربة من التعرية والانجراف وتساعد في زيادة مخزون المياه الجوفية وتحسين نوعية المياه السطحية وتقلل من الترسبات الطينية والطميية في السدود والخزانات وتحفظ قدرة الاراضي الانتاجية وزيادة المادة العضوية وتقلل خطر الملوحة والجفاف من خلال التظليل الكبير لسطح التربة وانعكاسه على تقليل التبخر/ النتح وبالتالي تقليل شدة الحرارة الناجمة عن اشعة الشمس او المنعكسة من سطح الارض، كما تؤثر في حركة الرياح وتزيد سقوط الامطار وبالتالي دورها الايجابي الكبير في تغيير المناخ. تعد الغابات مستودعا هائلا للتنوع الحياتي والانماط والاصول الوراثية، النباتية والحيوانية المختلفة وحتى الكائنات الدقيقة. وفيما ياتي وصفا موجزا لبعض هذه التاثيرات:

 1-صيانة التنوع البيئي والحياتي:
تتفاوت الاشجار والشجيرات فيما بينها من حيث تركيبها المظهري والوراثي والهندسي مما يجعلها من اغنى المجاميع النباتية في الاختلاف الوراثي في بيئاتها بسبب  تنوع الظروف المحلية المحيطة واختلاف ظروف التلقيح  وتوليف التراكيب الوراثية الجديدة التي تخدم التنوع الحياتي. النخيل من الامثلة الشائعة والمعروفة، حيث يزيد عدد الاصناف على 600 بحسب الاحصاءات والمراجع العلمية ومنها الدليل العراقي لسنة 1934، مع الاشارة الى ان بعض المصادر تؤكد على اكثر من هذا العدد من اصناف النخيل من خلال التهجين والانتخاب، ومثلها بالنسبة لأشجار الغابات الاخرى. ان توافر المحميات النباتية والغاباتية سيتيح بلا شك الفرصة لضمان استمرارية بقاء وتطور وزيادة تنوع هذه الانماط الوراثية بما يخدم الانسانية في المستقبل.

 2التاثير في المناخ:
  يساهم وجود وتزايد الغطاء النباتي والغاباتي منه بشكل خاص من دون ادنى شك في نشوء النظم البيئية المناخية الموضعية التي تؤثر في المناخ ايجابا، لما تشكله من دور مهم في بناء الكتلة الحيوية والكساء الخضري واتساع نطاقها وكثافتها وانشطتها في البناء الضوئي وما ينجم عنها من العمليات الحيوية المتعلقة بامتصاص غاز ثاني اوكسيد الكاربون والتبخر والنتح، فالغطاء النباتي ليس صديقاً للبيئة فحسب، بل يمثل حجر الزاوية في بنائها. خير مثال ودليل على ذلك هي التاثيرات السلبية الناتجة عن تجفيف الاهوار وازالة الغابات وقطع الاشجار وانعكاسها على ارتفاع درجة الحرارة والرياح الجافة المصحوبة بهبوب العواصف الغبارية  وقلة سقوط الامطار.  فالدونم الواحد من اشجار الغابات يمتص 140 كغم من ثاني اوكسيد الكاربون، الذي يعد المساهم الاول في ظاهرة البيت الزجاجي. فكم بالاحرى من الغاز الممتص للملايين من الدونمات الغاباتية، وما يقابله من انتاج للاوكسجين  وبخار الماء، الى جانب امتصاص 3-5 طن/ دونم من الغبار سنويا، وتنقية الهواء وتلطيف الجو وتقليل اثر الملوثات وخفض درجة الحرارة،  وينعكس بالنتيجة على راحة الانسان وصحته واطالة عمره.

 3-صيانة موارد المياه والتربة:
للاشجار دور فعال في توزيع مياه الامطار والحد من طاقتها الحركية. يتعزز هذا الدور ايجابيا بزيادة الكثافة النباتية (عمق ومساحة الغابات وطبيعة الانماط النباتية، وانعكاس ذلك على النباتات العشبية والشجيرات والاشجار الصغيرة النامية بظلالها). عموما، تتحسن خواص التربة نتيجة تقليل اثر الرياح من جهة وتوفير المادة العضوية التي تزيد من قابلية التربة على الاحتفاظ بالماء وبالتالي النفاذية العالية التي تؤدي الى زيادة امتصاص المياه الجارية والحد من تاثير تدفقها (تقليل اثر السيول) وتنشيط ميكروبات التربة،  مثلما تعمل جذور الاشجار والشجيرات النافذة في اعماق التربة على تكسير الطبقة الصماء وتفتيت الصخور وامتصاص العناصر المعدنية وضخها الى سطح التربة، مما يتيح القدرة على صيانة التربة واعادة تأهيلها باستمرار. تستخدم الاشجار المزروعة وفق نظام هندسي معين مصدات للرياح وتقليل او ايقاف زحف الصحراء، فضلا عن المساعدة في تقليل انجراف التربة بنسبة تزيد عن 55% وتقليل اثر الملوحة والجفاف واطالة عمر السدود المعدة لخزن المياه وتحسين نوعية المياه.

 4-حماية البيئة البشرية:
من قراءة الكتب السماوية على سبيل المثال لا الحصر نستذكر التين والزيتون (سورة التين، القرآن الكريم)، واغصان الاشجار وسعف النخيل عند دخول السيد المسيح (عليه السلام) الى اورشليم على انها وسيلة الاحتفال والابتهاج والزينة، وليس بالخبز وحده يحيا الانسان (الانجيل المقدس)، وقول الرسول الكريم محمد (ص) بحق النخلة ” عليكم بعمتكم النخلة”  على ان هذه  النباتات المباركة قد افرزت دورا مهما في حياة الانسان منذ الازل ولا زالت تؤثر في اقتصاديات العديد من الدول. يستشف من ذلك وجوب تطوير المرافق السياحية والانتاجية والترفيهية، ولا شك في ان المنافع العلمية احد اكثر الجوانب اهمية، اذ يتخذها علماء البيولوجيا والبيئة والنبات والجغرافيا والجيولوجيا وعلوم التربة والمياه والمناخ وحتى التاريخ والاثار وسيلة لتوفير مستلزمات البحث العلمي التي تنعكس على تحقيق الجانب التطبيقي الذي يخدم الانسان وبيئته.
اما الدور السياحي للغابات فهو من الجوانب المتميزة التي يمكن تسخيرها بفاعلية كبيرة لخدمة الدخل الوطني والمجتمع السكاني القريب منها. يتفق الكثيرين على ان تطوير السياحة في شمالنا الحبيب على اساس جمال الطبيعة وما يجاورها من التراث العراقي الزاخر من الاثار والمرافق الدينية، ومثلها في مناطق العراق الاخرى، سيعود بالمنفعة الاقتصادية غير الناضبة، كونها اجمل بكثير من مثيلاتها في الدول الاوربية. كما انها تساعد في قيام حرف ومهن جديدة مثل الصيد والقنص والمشافي الصحية والعلاج الطبي والنفسي بعيدا عن التلوث والضجيج.

 الاستنتاج:
من خلال تشجيع الاستثمار الغاباتي واقامة الغابات والمحميات وفق اسلوب علمي مدروس وبعيد المدى لكل مناطق العراق، وهو بمثابة دعوة لاعادة احياء فكرة الحزام الاخضر لمدينة بغداد التي غفت باحضان دجلة والفرات وصحت مبكرة بسبب حر تموز واب اللهاب، وهي فكرة ليست جديدة، يتوجب على المعنيين وكل المختصين في وزارت الدولة والانسان العراقي بوجه عام، اعادة فتح الملفات السابقة برؤية علمية جديدة لتاهيل الغابات الطبيعية من كافة الجوانب انفة الذكر والسعي الى توطين واقامة الغابات والاحزمة الخضراء والمتنزهات في داخل المدن، فنزرع نخلة او شجرة زيتون او نبق او سرو لتحقيق الفوائد الصحية والغذائية  وتوفير فرص العمل، فنعيد بغداد الى سابق عهدها الناظر الجميل، ليترحم علينا الاحفاد ويذكرونا بالذكر الحميد . رحم الله الجواهري الذي قال عن بغداد:
حييت سفحك عن بعد فحييني    يا دجلة الخير يا ام البساتين  ….

 دور العلوم والتكنولوجيا في انشاء الاحزمة الخضراء
بناءاً على توجيه مجلس الوزراء الموقر بوجوب اتخاذ السبل الكفيلة بمكافحة التصحر وتقليل اثار العواصف الغبارية التي تجتاح مدن العراق ومها بغداد الخير والسلام، وخصوصاً في فصل الصيف من جهة وكجزء من الوسائل الناجعة للحد من التغيرات المناخية، فانه يمكن تنفيذ بمشروع خدمي – انتاجي – علمي تطبيقي يتكفل بانشاء الاحزمة الخضراء في محيط وداخل بغداد كمرحلة اولى، ليمتد الى باقي المحافظات العراقية التي تعاني من زحف الصحراء والعواصف الغبارية وبمدى زمني قصير (لا يتجاوز 3- 5 سنوات) للوصول الى النتائج المرجوة.

 مشروع الاحزمة الخضراء والتشجير
1-مبررات المشروع
لأهمية توفير الغطاء النباتي الكفيل بايقاف مد التصحر ومعالجة التكرار المتزايد للعواصف الغبارية في فصل الصيف خصوصاً، ولتوفير المعالجات البيئية والاقتصادية والاجتماعية والصحية للتأثيرات السلبية للتغيرات المناخية في مدينة بغداد وكل مدن العراق عموماً، وانعكاسات ذلك على المدى القريب او البعيد على المناخ والتربة والمجتمع البشري، وتقليل التلوث البيئي وخفض درجات الحرارة، يستوجب اقامة مثل هذا المشروع.

 2-موقع المشروع والجهات الساندة
تتبنى وزارات العلوم والتكنولوجيا والبيئة والموارد المائية وامانة بغداد مسؤولية توفير البنى التحتية للمشروع من خلال مساحات الاراضي الزراعية في محيط منظمة الطاقة الذرية لأقامة المشاتل الزراعية وكل مستلزماتها، كما تدعو الوزارات الاخرى في الدولة وبكل امكاناتهما المادية والبشرية للتعاون والمشاركة في هذا المشروع التنموي للوصول الى الاهداف المنشودة.

 3-مستلزمات المشروع

اولاً: المستلزمات المادية
أ- المشاتل الزراعية في منطقة التويثة مثلاً لأنشاء المشاتل (يتم توفيرها في السنة الأولى من عمر المشروع من قبل وزارة العلوم والتكنولوجيا)
ب- الاراضي الزراعية في منطقة حزام بغداد (يتم توفيرها في السنة الثانية من عمر المشروع)
ت- الابنية والمنشآت غير السكنية
ث- المستلزمات الفنية (الظلل الخشبية والبيوت البلاستيكية والاسمدة والمواد الكيميائية الاخرى (المبيدات والهورمونات ومنظمات النمو) والبذور المختلفة والمكائن والعدد الزراعية والسيارات الحوضية والخدمية وورش العمل الفني والخدمي واللوازم الزراعية والصناعية وغيرها).
ج- التخصيصات المالية (كلف العمل الفني للمشروع والمكافآت والحوافز واجور العمال وغيرها)

 ثانياً: المستلزمات البشرية
أ- الكوادر العلمية المتقدمة (حملة الشهادات العليا من مختصي النبات في مجال الغابات والبستنة والمحاصيل والتربة والوقاية من المهندسين الزراعيين ومهندسي الري والتربة والبيئة).
ب- الكوادر العلمية الساندة (حملة شهادات البكالوريوس والدبلوم الفني من مختصي النبات في مجال الغابات والبستنة والمحاصيل والتربة والوقاية من المهندسين الزراعيين ومهندسي وفنيي الري والتربة والبيئة).
ت- الايدي العاملة (من العمال والعمال المؤقتين وغيرهم).
ث- مختصي البرمجة وهندسة المساحة لأعداد قواعد البيانات والخرائط وتثبيت مناطق الحزام الاخضر.
ح- مختصي التشجير والمتنزهات من امانة بغداد.

 ثالثاً:. خطوات التنفيذ
 السنة الاولى:
أ- وضع الخطط والدراسات العلمية والتطبيقية المتعلقة باستكمال الجوانب الفنية والبنى التحتية للمشروع.
ب- تحديد انواع النباتات التي يراد تبني اكثارها، آخذين بنظر الاعتبار التركيز على مقاومة الشد البيئي وسرعة النمو وديمومة الكساء الخضري.
ت- اعداد الدراسات العلمية المتعلقة بتحديد الظروف المثلى للاكثار ومتطلبات النمو وخدمة النبات.
ث- البدء بعمليات الزراعة والاكثار والانتاج في مشاتل التربية، واستمرار اعمال الخدمة.
ج- اعداد الاحصاءات وقواعد البيانات المطلوبة لكل نوع نباتي، على وفق المتطلبات البيئية للنبات من جهة ومتطلبات البيئة الدائمية التي يراد معالجتها.

 السنة الثانية:
أ- استمرار نفس الاعمال الموصوفة في السنة الاولى، مع ما تتطلبه مستجدات العمل والبيئة من جهة وما تقدمه الدراسات العلمية المتقدمة في هذا المجال.
ب- العمل على توفير المستلزمات الفنية التي تخدم عمليات نقل النباتات من مشاتل التربية الى الموقع المستديم. وتتبنى امانة بغداد اعمال الخدمة والمتابعة الدورية لديمومة المشروع.
ت- تقوم فرق العمل المكلفة باعداد التصاميم والخرائط البيئية المطلوب تنفيذ استزراعها، وبالتعاون مع الجهات الساندة الاخرى.
ج- اعداد التقارير العلمية للنتائج المتحققة والمقترحات للافاق الانية والمستقبلية التي تضمن ديمومة الممشروع ونجاحه.

 السنة الثالثة:
أ- ديمومة واستمرار الاعمال المتحققة والتطبيقية للسنتين السابقتين بكل فقراتها العملية.
ب- الاعداد للمرحلة الثانية للمشروع من حيث توفير كل الدراسات المتعلقة بالاعداد للجوانب الاجتماعية والاقتصادية. والترفيهية…الخ.
ت- التفكير الجدي بتطبيق الحزم التقنية الحديثة في المشروع من خلال مؤسسات البحث العلمي التطبيقي القائمة.
ث اعداد وتوثيق قواعد البيانات الخاصة بالمشروع، ونقل التكنولوجيا العالمية التي تخدم اساليب العمل فيه، لأجل تعميم الفائدة والتطبيق في المحافظات الاخرى.

 السنة الرابعة والخامسة
أ-  تستمر الاعمال العلمية والفنية كما في السنوات السابقة.
ب- التفكير بالاعمال الابداعية المتعلقة بانشاء المراكز البحثية والصحية والترفيهية.
ت- نقل الخبرة والمعرفة المتحققة الى المحافظات الاخرى.
ان الفوائد الناجمة عنه ستكون اكثر فعالية من حيث انعكاساتها على المجتمع السكاني، كونها ستقلل من تأثير العواصف الغبارية وتخفض درجات الحرارة في فصل الصيف بما لا يقل عن 4-5 درجات مئوية خلال السنوات الخمس اللاحقة، وستوفر المنتجعات السياحية والمتنزهات والمشافي الصحية، كما سيكون لها مردود اقتصادي كبير من حيث توفير فرص العمل واقامة المشاريع التنموية وتوفير الاخشاب وتربية النحل والصناعات اليدوية…الخ. كما يمكن استزراع الاراضي المستغلة بمحاصيل عديدة مثل الزيتون واشجار الفاكهة  والنخيل والاعلاف وغيرها.

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع محمي بواسطة reCAPTCHA و Googleسياسة الخصوصيةوشروط الاستخدام تنطبق.

The reCAPTCHA verification period has expired. Please reload the page.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى