الأهمية الاقتصادية لحشرة من القطن (من البطيخ) Aphis gossypii وأهم أعداءها الطبيعية المستخدمة في المكافحة الحيوية
تعد حشرة من القطن أو من البطيخ Aphis gossypii (Glover, 1877) والتي تعود الى رتبة نصفية الاجنحة Himeptera وعائلة Aphidoidae،من الحشرات المهمة اقتصاديا. تتغذى هذه الحشرة على مدى واسع من العوائل حيث تقوم بامتصاص العصارة النباتية من النباتات، كما ان الحشرة تمتاز بقدرتها العالية على التكاثر، حيث تستطيع هذه الحشرة انتاج ما يقارب 60 جيل من الذرية في السنة،تمتاز هذه الحشرة بأن لها نوعينمن طرق التكاثر،التكاثر اللاجنسي (التكاثر العذري) Parthenogenesis reproduction والذي يحدث نتيجة وضع الاناث لبيوض غير مخصبة لتفقس الى أفراد جدد. الطريقة الاخرى لتكاثر الحشرة هي, التكاثر الجنسي Sexual reproduction والذي يحدث نتيجة وضع الاناث بيوض مخصبة نتيجة التقاء الجنسين ( الذكور والاناث). وأضافة لتحملها لدرجة حرارة الصيف فان لهذه الحشرة القدرة على تطوير مناعة ضد المبيدات الكيميائية المستخدمة, لذا فانها تعتبر آفة اقتصادية خطيرة على المحاصيل التي قد تصيبها.
تصيب هذه الحشرة النباتات التي تنتمي الى كل من عائلة القرعيات Cucurbitaceae (الشمام, البطيخ و اليقطين), والنباتات التي تنتمي الى عائلة الخبازيات Malvaceae (القطن, الباميا), النباتات التي تنتمي الى عائلة الباذنجانيات Solanaceae (الفلفل, الطماطم والباذنجان), وكما ان هذه الحشرة قادرة على اصابة اشجار الفاكهة التي تنتمي الى العائلة السذابية Rutaceae ( اليوسفي واشجار فاكهة اخرى).
الانتشار
تنتشر حشرة من القطن أو من البطيخ في معظم مناطق العالم ذات المناخ الاستوائي و الحرارة المعتدلة, بأستثناء المناطق التي تقع في اقصى الشمال أما في المناطق ذات الظروف المناخية الباردة, فأن الحشرة تكون آفة على المحاصيل التي تزرع في البيوت البلاستيكية, وتتواجد هذه الحشرة في كل من قارة آسيا, أفريقيا, أوروبا وأمريكا. توجد حشرة المن في المناطق الوسطى والجنوبية من قطر العراق, وذلك لملائمة درجات الحرارة ولتوفر المحاصيل الزراعية التي تعتبر من العوائل المهمة التي تتغذى عليها الحشرة. عند عدم ملائمة الظروف البيئية لتواجدها كأزدحام المستعمرة او قلة الغذاء, يبدا ظهور الطور المجنح للحشرة فتقوم الحشرة بالأنتقال والانتشار الى أماكن اخرى.
الأهمية الأقتصادية
تتغذى الحشرة من خلال امتصاص العصارة النباتية من النبات العائل المصاب, وتفضل الحشرة السطح السفلي من الأوراق أما أجزاء الورقة الأخرى والأزهار والبراعم فتكون الخيار الثاني للحشرة ونتيجة لتغذيتها فان الحشرة تسبب نوعين من الأضرار للنباتات المصابة :
1- أضرار مباشرة: تتغذى كل من أطوار الكاملات والحوريات لحشرة من القطن Aphis gossypii على السطح السفلي من الأوراق, أو على القمم النامية للعروق, فتقوم بامتصاص المواد الغذائية من النبات. تؤدي تغذية الحشرة الى ظهور أعراض على المجموع الخضري مثل الاصفرار والذبول و الموت المبكر للنبات. اضافة ان تغذية الحشرة تسبب مضار اخرى للنبات كالتشوهات وتجعد الاوراق والتي بدورها تعيق قدرة النبات على تكوين عملية البناء الضوئي photosynthesis. كما ان الحشرة تقوم بافراز الددوة العسلية honeydew من خلال تغذيتها على النبات, حيث ان الندوة العسلية تقوم بتغطية الأراق مسببة منع حدوث عملية النتح في النبات, كما انها تمثل وسط ملائم لنمو المسببات المرضية الأخرى كالفطريات ومن ضمنها العفن الاسود الذي يؤدي الى اسوداد الاوراق ويقلل من كفاءة البناء الضوئي للنبات. كذلك ان الندوة العسلية قد تعمل كمادة جاذبة للآفات الاخرى التي تصيب المحصول, والى الحشرات الاخرى التي قد توفر الحماية لآفة المن من أعداءها الطبيعية, وأخيرا فان وجود الندوة العسلية على الثمار تؤدي الى خفض القيمة الأقتصادية والتسوسقية للمحصول.
2-أضرار غير مباشرة: اثناء تغذيتها تعمل حشرة من القطن او البطيخ Aphis gossypii, كناقل رئيسي للأمراض النباتية والتي تسبب بصورة ملحوظة خسائر أعظم من الخسائر والاضرار الحاصلة جراء التغذية المباشرة للحشرة على النبات, وهي غالبا الميزة الأكثر ضرار التي تنتج من الأصابة بهذه الحشرة. حيث تعتبر الحشرة من أهم الحشرات الناقلة لأكثر من 50 من الأمراض الفايروسية الخطيرة التي تصيب مختلف المحاصيل مسببة لها خسائر اقتصادية. يقوم كل من الطور المجنح (Alate) والطور غير المجنح (Apterae) بنقل الفايروسات بصورة غير ثابتة Nonpersistent , حيث تحدث عملية نقل الفايروسات من خلال اكتسابها الى فم الحشرة اثناء تغذيتها على النباتات المصابة ومن ثم تقوم بنقلها الى النباتات السليمة عندما تقوم بالتغذي عليها. ان عملية نقل الفايروسات تحتاج الى أقل من دقيقة, يتكاثر الفايروسات في النبات ويعمل المن على نقل الفايروس. ومن أهم الفايروسات التي تنقلها حشرة من القطن, فايروس جدري البرقوق الفايروسي potyvirus, فايروس أصفرار وموزائيك الكوسة zucchini yellow virus (ZYMV), فايروس موزائيك الخيار Cucumber mosaic virus (CMV), فايروس موزائيك البطيخ Watermelon mosaic virus 2 (WMV-2). أضافة الى ذلك فان الحشرة تقوم بنقل فايروس مهم ويشكل خطرا كبيرا على اشجار الحمضيات ويسبب مرض ترستيزا الحمضيات Citrus Tristeza Virus (CTV), حيث ان هذا الفايروس تسبب بهلاك اكثر من 80 مليون شجرة من الحمضيات اضافة الى سرعة انتشاره وصعوبة مكافحة المرض والتي تتضمن تدمير جميع النباتات المصابة.
أهم الأعداء الطبيعية للحشرة
إن لحشرة من القطن كغيرها من الآفات الزراعية العديد من الأعداء الحيوية المعروفة ( مفترسات و متطفلات) والتي تتكاثر طبيعيا في البيئة, لذا ينصح أثناء التحري ومراقبة وجود الآفة البحث عن وجود هذه الأعداء الطبيعية وكثافتها العددية, حيث أن وجودها يغني عن استخدام المبيدات الزراعية في معظم الأحيان. ولعل من اهم الأعداء الطبيعية لهذه الآفة, حنافس ابو العيد والتي تنتمي الى عائلة الدعسوقيات (Coleoptera: Coccinellidae) , حيث تتغذى كل من يرقات و الكاملات على الأطوار المختلفة للآفة. وايضا يرقة ذبابة السرفيد والتي تنتمي الى عائلة ذباب الزهور (Diptera: e) , وحشرة أسد المن والتي تنتمي الى شبكية الأجنحة (Neuroptera: Chrysopidae), حيث تفترس يرقات الحشرة كما وانها تتميز بكفاءتها في مكافحة آفات زراعية اخرى. وتمثل متطفلات البراكونيد (Hymenoptera: Braconidae) وخاصة الدبور Lysiphlebus testaceipes من أكثر المتطفلات كفاءة, حيث يسبب في بعض الأحيان اكثر من 99% من الافة يتم التطفل عليها. تقوم أنثى الدبور بوضع بيوضها داخل جسم حشرة المن عن طريق حقنها بواسطة آلة وضع البيض, تفقس البيوض داخل الحشرة لتعطي يرقات الطفيلي والتي تتغذى على حشرة المن ثم تتحول الى عذراء داخل الحشرة الميتة حيث تتغير صفات حشرة المن فتصبح ذات لون بني ومظهر متحنط يسمى المومياء.
نظرا لما تمثله هذه الآفة من خطر يهدد مجموعة متنوعة من المحاصيل الأقتصادية, لذا فأن مكافحة هذه الآفة يعد من البرامج المهمة التي يتم تطبيقها في حال وصول كثافتها الى مستوى الحد الأقتصادي الحرج. ويفضل استخدام طرق مكافحة لاتعمل على تلوث البيئة ولا تؤثر على التوازن البيئي ولعل من أهمها تطبيق المكافحة الحيوية ضمن برامج الأدارة المتكاملة للآفات. لقد شهدت السنوات الأخيرة اهتماما واسعا بالمكافحة الحيوية والعمل على تطويرها باعتبارها فرعا مهما من فروع الأدارة المتكاملة للآفات, حيث تم دراسة وتحديد العديد من الحشرات النافعة التي تستخدم كأعداء طبيعية للعديد من الآفات الزراعية المهمة, وتم اكثارها في مختبرات تربية خاصة واطلاقها في الحقول المصابة. كما ان استخدام التقنيات الجزيئية ساعد على تقييم كفاءة المفترس وذلك بالأعتماد على اكتشاف الحمض النووي للفريسة الموجود داخل محتويات أمعاء المفترس وتقدير كمياتها, كما انها ساعدت على دراسة وفهم العلاقة الغذائية التي تربط ما بين المفترسات والفريسة.
Saleh Falih FENJAN. MSc graduate at IAMB-Mediterranean Agronomic Institute of Bari-ITALY
Agricultural Engineer at the Ministry of Agriculture-IRAQ