الأفات الزراعية

؟ Tuta absoluta هل نجحنا في السيطرة على حافرة البندورة / الطماطم

السؤال المتداول بين الباحثين والمختصين في وقاية النبات هل نجحنا في احتواء مشكلة حشرة حافرة البندورة/الطماطم منذ 2009 ولحد الان ؟؟؟ وهل تعلمنا من الانفجار السكاني للحشرة دروس نستفيد منها لمواجهة مشكلة تواجه العاملين في القطاع الزراعي منذ عدة سنوات في العالم والمنطقة العربية؟؟ لقد سببت التوتا ابسلوتا خسائر كبيرة لم تسببها حشرة سابقا في هذا المحصول الذي يبلغ انتاجه العالمي بحدود 110 مليون طن سنويا منه فقط 72% لثمار المائدة والباقي صناعي ،لقد تراوحت شدة الاصابة في البيوت المحمية والحقول المكشوفة من 50-100% عند بدأ الانفجار السكاني Outbreaks وفي حينه سببت هذه الحشرة ارباكا للمزارعين والصناعيين نظرا لهذه الخسارة وعدم توفر الامكانات والتقانات لمواجهتها ولذلك كانت المبيدات الكيمياوية بكل انواعها مجالا للتجريب على هذا المحصول الذي يؤكل طازجا. ان اهم اسباب الانتشار السريع Dispersal Capacity لهذه الحشرة من مصدرها الاصلي في امريكا الجنوبية وبالاخص البرازيل وعبورها الى اوربا وشمال افريقيا ومنطقة الشرق الاوسط والخليج العربي ثم افريقيا وروسيا والصين والولايات الامريكية يعود لكونها سريعة الطيران وتضع بيضا بمعدل 260-300 بيضة مع تعدد اجيالها بالسنة  Multivoltine حيث يصل بين 10-12 جيلا ،كما تتداخل اجيالها  Overlapping generations حيث لوحظت اربعة اجيال مرة واحدة بالجزائر كما ان الحشرة لاتدخل طور تشتيةOverwintering  حيث انها Homodynamous.
ان تكيف الحشرة للعيش في درجات حرارية مختلفة واختلاف مكان التعذر على النبات والتربة وتعدد عوائلها من العائلة الباذنجانية مثل الفلفل والباذنجان وكذلك سرعة تطوير مقاومة لفعل المبيدات Resistance  كما حصل في شيلي حيث ظهرت المقاومة للمبيدات الفسفورية والبايرثرويدية وبعدها في البرازيل والارجنتين بسبب تكرار الرش حيث وصل عدد مرات المكافحة الى 30 مرة وتغيير المبيدات 4-6 مرات ،كما وقد ظهرت المقاومة حتى للمبيدات الحديثة مثل الاندوكسوكارب والسبينوساد.

على الرغم من اكتشاف فرمون حشرة التوتا ابسلوتا مبكرا عام 1990 الا انه لم يكن كافيا لمسك هذا العدد الهائل من الحشرات الموجودة في حقول البندورة كما لم تفلح المبيدات بكل انواعها للسيطرة على الحشرة لحين استقرارها ببروز اعداء حيوية فعالة تجاهها مع الاستعمال العقلاني للمسببات المرضية مثل البكتيريا والفطريات ولهذ نجد الحشرة حاليا موجودة ولكن ضررها ليس كما كان كما وعرف المزارع طريقة التعامل معها جيدا.

لقد كان السبب الرئيس لدخول وانتشار هذه الحشرة هو تبادل شحنات الطماطم بين الدول المختلفة او مع وسائل النقل او مع امتعة المسافرين الشخصية وكان دخولها الى اسبانيا من امريكا الجنوبية هو السبب المباشر لنشرها .

بماذا تذكرنا هذه الحشرة وطريقة مسارها السريع؟؟؟

في العودة لعقدين او اكثر نستذكر افتين مهمتين سلكا طريقا مشابها لحافرة البندورة /الطماطم هما سوسة النخيل الحمراء Rynchophorous ferrugineus  وحافرة اوراق الحمضيات Phyllocnistis citrella واحدثا ضررا جسيما بالنخيل والحمضيات فلقد استقر حفار اوراق الحمضيات بسبب وجود واستيراد اعداءه الطبيعية من الطفيليات وحاليا يتواجد بشكل بسيط في المشاتل على النموات الحديثة لشتول الحمضيات ولكن ضرره دون الحد الحرج الاقتصادي وتتشابه هذه الافة مع التوتا ابسلوتا بان كل منها ينتميان الى حرشفية الاجنحة الدقيقة Microlepidopteran moths  ودخولهما كان عبر وسائل النقل والتجارة وتبادل المواد الزراعية في بعض البلدان دون الاكتراث بقوانين الحجر الزراعي.

لقد دخلت حافرة اوراق الحمضيات من امريكا حيث سجلت في فلوريدا عام 1992 ومنها دخلت الى اوربا وشمال افريقيا والشرق الاوسط وتتواجد حاليا  بكل انحاء العالم، اما سوسة النخيل الحمراء التي دخلت الى منطقة الخليج العربي منذ عام 1985  من جنوب شرق اسيا فلا زالت تعتبر مشكلة النخيل الاولى في مناطق انتشاره في منطقة الخليج العربي والشرق الاوسط وشمال افريقيا واوربا وحتى الولايات المتحدة الامريكية ولم تفلح معها كل وسائل المكافحة للسيطرة عليها والسبب الرئيس هو معيشتها داخل جذع النخلة بطريقة تمنع وصول الاعداء الحيوية والمبيدات اليها.

للعودة لسؤال العنوان هل نجحنا بالسيطرة على حافرة البندورة ؟ الجواب نعم ولا ، نعم لاننا استخدمنا كم هائل من المبيدات والفرمونات وخلقنا درجة مقاومة عالية عند الحشرة وتناولنا كم هائل من المبيدات ومن كل مجاميعها في اجسادنا بسبب جهل معلومة فترة الانتظار الموجودة على العلبة وغيرها من الاسباب التي يمكن سردها.

اذن..اذا كان الجواب نعم فلماذا لا ؟؟  بتصوري اننا تعلمنا من خلال التعامل مع حشرة حافرة البندورة  العديد من وسائل المكافحة المتكاملة وتطبيقاتها واصبح المزارع يعرف ما هو الفرمون وما هي المصائد اللاصقة والجاذبة وكذلك نوعية المبيد العضوي والبكتيري الذي عليه اختياره للسيطرة على الافة ولكن هل هذا يكفي ؟؟؟؟

كلا لاننا كمختصون في وقاية النبات وكمرشدون زراعيون وكهيئات حكومية وشركات خاصة لم نضع خطة متكاملة لمواجهة الافات الاخرى التي ستدخل علينا في اي وقت ممكن ولم نعزز وسائل الحجر الزراعي والصحي وكذلك لم نعلم المزارع كيف يتعامل مع افة جديدة عند دخولها واي جهة عليه اشعارها لاحتواء الموقف عاجلا لتلافي انتشارها.

احببت في مقالي هذا تذكيركم في هذه الافة واحضرت لكم مجموعة صور لضرر الحشرة التي اربكتنا لفترة امتدت سنوات وسببت قلقا وخسارة للمزارعين ندعو الله ان لا تتكرر مرة اخرى .

الاستاذ الدكتور ابراهيم جدوع الجبوري

اظهر المزيد

تعليق واحد

  1. بارك الله فيك دكتور ونتمنى ان تنشر لنا محاظرات علميه مختبريه لكي نستفيدمنها بشكل اكثر واسال الله ان يوفقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع محمي بواسطة reCAPTCHA و Googleسياسة الخصوصيةوشروط الاستخدام تنطبق.

The reCAPTCHA verification period has expired. Please reload the page.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى