مقالات علميةالزراعة العضويةالبيئة و الحياة

تدوير واستثمار مخلفات النخيل والمخلفات الخشبيه في المشاريع الصناعيه

فؤاد منصور
مهندس كيميائي (استشاري) لديه ثلاثة براءات اختراع
مسجله في مجلس مالكي براءات الأختراع في جنيف في مجال                     

Engineer Fuaad Mansur

إن أحدى العوامل الرئيسية المؤثرة على الجدوى الأقتصادية لأي مشروع صناعي هو مدى توفر المواد الأوليه وما يعنيه ذلك ضمناً سعر شراء تلك المواد من المصدر , فكلما توفرت الموادالأوليه بأسعار مناسبه كلما ساهم ذلك في نجاح المشروع اقتصادياً .. وبالنظر لزيادة الطلب من قبل المستثمرين في القطاع الصناعي على المواد الأوليه التقليديه الموجودة في الطبيعه فقد أدى ذلك الى زيادة أسعارها , وتبعاً لهذا وكي يبقى المشروع مجدياً اقتصدياً فقد أصبح المستثمرون مضطرين الى زيادة أسعار البيع لمنتجاتهم بشكل عام , وتبعاً لهذه العقبه التي تثقل كاهل المستهلك والمستثمر معاً فقد توجه المستثمرون والناجحون منهم خصوصاً للبحث عن مواد أوليه بديله يمكنهم عند نجاحهم باستخدامها أن يتجاوزوا بقفزة عاليه تلك العقبه التي بقي منافسوهم ممن يستخدموا المواد الأوليه التقليديه يواجهونها ويعانون منها .. أما نتائج البحث عن المواد الاوليه البديله فكان من أهمها الأستفادة من المخلفات بشكل عام وذلك بإعادة تدويرها , والمخلفات الصلبه منها هي الأهم والأكثر فائدة وهي مواد تخصص لها الحكومات عادةً مبالغ طائله سنوياً للتخلص منها حفاظا على البيئه وأسباب أخرى .

المخلفات الزراعيه هي إحدى المواد التي سعى الباحثون والعلماء في بلداننا العربيه للأستفادة منها كمادة أوليه بديله في بعض المشاريع الصناعيه الحيويه , أما نوع تلك المخلفات ومدى توفرها فيختلف من بلد لآخر , ففي دولة الأمارات العربيه المتحده وسلطنة عمان والمملكه العربيه السعوديه وفي بلدان عربيه أخرى وحيث تكثر غابات النخيل وتكثر مخلفاتها من السعف والكرب والليف وعثوق التمر الفارغه , فقد سعت الجهات الرسميه المعنيه  للتشجيع باتجاه الأستفادة من هذه المخلفات بدلاً من حرقها أو طمرها وما يعنيه ذلك من مبالغ طائله تضطر البلديات لصرفها سنوياً لهذا الموضوع حصراً .. وتبعاً لهذا فقد قام الباحثون في هذا المجال وعلى مدى السنين العشرة الماضيه بإجراء تجارب عديده على مخلفات النخيل في مصانع بألمانيا والسويد وماليزيا وقد نجحوا فعلاً في إثبات إمكانية استخدام هذه المخلفات كمواد أوليه بديله لمشاريع صناعيه حيويه .

في العراق استخدمت بالفعل مخلفات النخيل كماده أوليه أساسيه لمشاريع صناعيه عديده خلال فترة ازدهار الصناعة في ذلك البلد (قبل حرب الخليج الأولى) فأنتجت منها الألواح الخشبيه الليفيه (MDF) والألواح الخشبيه الحبيبيه (Particle Board) والأبواب الخشبيه البلاستيكيه (Wood Plastic Doors ) وفحم مخلفات النخيل (Date Palm Charcoal) كما استخدمت في الصناعات العسكرية أيضاً لأنتاج الألفا سللوز الذي استخدم آنذاك في صناعة المتفجرات وغير ذلك من صناعات أخرى .

إن عملية تجميع مخلفات النخيل وطريقة نقلها من المزارع ( farms) إلى موقع المشروع الصناعي تشوبها من حيث المبدأ صعوبات وتكاليف تؤثر سلباً بشكل أو بآخر على الجدوى ألاقتصاديه لاستخدام تلك المخلفات في أي مشروع صناعي .. وتبعاً لهذا فقد وضع الباحثون حلولاً ناجحه لتجاوز تلك العقبه بعد إجراء تجارب ميدانيه واسعه تم تطبيقها على مشروعين صناعيين كبيرين لاستثمار مخلفات النخيل في العراق ( قبل حين ) وتجارب ميدانية أخرى في دولة الأمارات (في مدينة العين) فكانت نتائجها تشير إلى نجاح باهر من حيث سهولة تطبيقها إضافةً إلى المردودات ألاقتصاديه الايجابيه العاليه لها على المشروع الصناعي , حيث باستخدام هذه الطريقة المبتكره يتم اختزال كلفة تجميع ونقل مخلفات النخيل الى ما نسبته 4 – 1 من الكلفه الفعليه لتجميع ونقل تلك المخلفات بالطريقة التقليديه , وهو اختصار بالكلفة لا يستهان به إطلاقاً .

المخلفات الزراعية الأخرى كسيقان الحنطه والرز والذره وسيقان القطن ومخلفات قصب السكر فتتوفر في مصر والسودان وسوريا والعراق والمغرب بشكل رئيسي وبلدان عربيه أخرى , وقد نجحت مصر وكذلك العراق في استثمار بعض تلك المخلفات في مشاريع صناعيه ناجحه جداً ولم يزل البحث جاري لتذليل بعض المعوقات لاستخدام هذه المواد على نطاق أوسع في الصناعه .. أما مخلفات شجرة المسكيت Mesquite الصحراويه والتي تكثر في عمان والسودان والسعوديه وبلدان أخرى فقد بذل الباحثون جهوداً للأستفادة من أخشابها في انتاج الألواح الخشبيه والمنتجات الخشبية البلاستيكيه وغيرها وذلك من خلال تجارب ناجحه أشرف عليها محرر هذه الورقه تم اجرائها في مصانع تجريبيه Pilot Plants بألمانيا وأخرى في جنوب شرق آسيا .

 المخلفات الخشبيه بشكل عام هي الأخرى مواد أوليه يمكن التعامل معها كمخلفات زراعيه ولعل أهمها مخلفات ورش ومصانع النجاره , الصناديق الخشبيه المكسره , الطبليات الخشبيه التالفه (Wooden Pallet) , المخلفات الخشبيه لأعمال البناء (Construction Waste Wood) , الأثاث الخشبي المستهلك وغيرها حيث لا تختلف كثيراً طرق الأستفادة منها عن مخلفات النخيل والمخلفات الزراعية الأخرى , وقد أثبت الباحثون عملياً امكانية استثمارها كمواد أوليه بديله لمشاريع مجديه اقتصادياً مثل انتاج الطبليات الخشبيه المضغوطه (Molded Wood Pallet), والوقود الصلب (Solid Fuel) وألواح الخشب الأسمنتيه (Wood Cement Boards) وكذلك ألواح الخشب الليفيه (MDF) وهذه الأخيره يتطلب انتاجها من هذه المواد الى عناية خاصه .. مع منتجات أخرى أيضاً .

إن كلفة المشاريع الصناعيه التي تستثمر مخلفات النخيل والمخلفات الزراعيه الأخرى وكذلك المخلفات الخشبيه تعتمد بشكل رئيسي على نوع المنتج والطاقه الأنتاجيه السنويه لذلك المشروع مع منشأ تصنيع المكائن (أوربي أو آسيوي) وعوامل مؤثرة أخرى , وبشكل عام فإن كلفة مكائن الخطوط الأنتاجيه لهكذا مشاريع تتراوح بين مئات الآلاف من الدولارات الى الملايين منها تبعاً لما ذكر أعلاه .. إن الدرايه الكافيه للمستثمر (أو الجهة الأستثماريه) بتفاصيل التقنيه Knowhow التي يتوجب استخدامها لأنتاج منتج معين من استخدام تلك المخلفات ستقود حتماً الى اختيار المكننة المناسبه التي تضمن الجودة العاليه للمنتج ، أما للحصول على مكائن بكلفة مناسبه فذلك يستدعي ضرورة الأبتعاد تماماً عن الطرق التقليديه في اختيار منشأ المكائن والذي يعني ضمناً كلفة تلك المكائن وهو العامل الأكثر تأثيراً على اقتصاديات المشروع ، فاختيار التقنيه المناسبه التي تتلائم وتتماشى ومواصفات الماده الأوليه المراد استخدامها كمخلفات النخيل مثلاً سيقود حتماً الى اختزال كلفة المكائن لأي مشروع الى حدود لا يستهان بها وهنا يكون قد تحقق أحد الأسباب المهمه لنجاح المشروع ..

الصور المرفقه هي لبعض المنتجات التي تم انتاجها فعلاً من مخلفات النخيل ومخلفات خشبيه أخرى على نطاق تجاري في العراق , مع بعض المنتجات التي قمنا بإنتاجها على نطاق تجريبي في مصانع متخصصه بألمانيا ومصانع بمواقع أخرى .

للأستفسار عن تفاصيل أخرى تتعلق بهذا الموضوع يمكن التواصل مع كاتب المقال (المهندس فؤاد منصور) مباشرة على بريده الألكتروني  eng.fuaad@recyclingconsult.com

أو  fuaad_mansur@yahoo.com  أو عبر الهواتف في دولة الأمارات والعراق  00971505281201 أو 009647815565500

 

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع محمي بواسطة reCAPTCHA و Googleسياسة الخصوصيةوشروط الاستخدام تنطبق.

The reCAPTCHA verification period has expired. Please reload the page.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى