التلقيح او التنبيت تشير الدراسات التاريخية إلى أن التلقيح الاصطناعي في نخيل التمر يمارس منذ العصور الأولى كما ورد في اللوحات المسمارية التي تعود إلى القسم الأخير من الألف الثالثة قبل الميلاد في بلاد ما بين النهرين، كما أن مسلة حمورابي أشارت إلى هذا الوضع ولكون نخلة التمر ثنائية المسكن Dioecious ،أحادية الجنس Unisexual فإن عملية التلقيح فيها تكون خلطيه وتتم بنقل حبوب اللقاح إلى مياسم الأزهار الأنثوية، والتلقيح لا يمكن أن يتم بشكل طبيعي عن طريق الحشرات وذلك لأن أزهار النخيل المؤنثة ليست لها رائحة تجذب الحشرات، ويمكن أن يتم التلقيح طبيعياً عن طريق الرياح ولكن نسبة نجاحه ضعيفة لأن هذا الأمر يتطلب توافر عدد كبير من الأشجار المذكرة (الأفحل) في بساتين النخيل، لذا يجب أن يجرى التلقيح اصطناعياً، وهو إما أن يكون يدوياً، أو آلياً.
(التأبير) هي عملية نقل حبوب اللقاح من النخلة المذكرة إلى مياسم الأزهار في النخلة المؤنثة، ويكون يدوياً Hand pollinationأو آلياً Mechanical. تسمى هذه العملية في مصر وتونس (التذكير)، وفي السعودية – الإحساء والقطيف ، وفي سلطنة عمان و دولة الامارت (التنبيت)، وفي العراق وقطر(التلقيح ) . وفي حضرموت (تفخيط).
اشتقت كلمة تنبيت من اسم (نبات) وهو الاسم العامي للأزهار المذكرة للنخلة أما الاسم العربي الفصيح للزهور المذكرة للنخلة فهو (السف)، وتسمي العامة حبوب اللقاح (الگُمح) أو (القُمح).
يمكن أن يتم التلقيح طبيعيا بواسطة الرياح التي تحمل حبوب اللقاح الجافة الخفيفة من الذكور إلى الإناث القريبة منها، إلا أنه في هذه الحالة يجب توفر عدد من الذكور مناسب لعدد الإناث وموزعة بين النخيل الاناث، لذلك يعتبر التلقيح الطبيعي غير اقتصادي، وبما أن النجاح التام في إنتاج المحصول يتوقف على عملية التلقيح وإتمام الإخصاب فقد قام الفلاح منذ زمن قديم بعملية التلقيح الصناعي، وهناك نقوش آشورية توضح عملية التلقيح الصناعي وذكرها حمورابي في شريعته وكان احد الطقوس السومرية وأقدم ذكر واضح لعملية التلقيح الصناعي ما اشار إليه الكتاب اليونانيين هيرودتس وثيوفراستوس وبليني .
وتتم عملية التلقيح الصناعي بعد تفتح طلع النخيل وخروج الشماريخ من غلافها حيث ينشق الكافور عنها ويكون ذلك في شهري فبراير/ شباط ومارس/ آذار بحسب الصنف حيث أن هناك أصناف مبكرة وأخرى متوسطة وأخرى متأخرة. ويمكننا تقسيم عملية التنبيت لقسمين: تحضير دقيق حبوب اللقاح وعملية التلقيح نفسها.
أ – تحضير دقيق حبوب اللقاح
يلجأ الفلاح لجمع حبوب اللقاح في إناء ضخم يكون بمثابة المخزن وذلك ليسهل عملية استعماله فيما بعد وكذلك لتخزينه لتلقيح النخيل التي تتفتح أزهارها متأخرة. يقوم الفلاح بقطع الزهور المذكرة أي السف في بداية تفتحها حيث ينشق عنها الكافور ويفضل أن تترك لفترة لتجف ولكن ليس في الشمس وبعدها يأخذ الفلاح (السف) ويزيل عنه الكافور بحيث تبقى شماريخ السف كلها متصلة بالقاعدة، بعدها يقوم بهز هذه الشماريخ داخل إناء فخاري والضرب عليه بمنجل أو قطعة من الخشب لكي تنزل حبوب اللقاح كلها، وبذلك تجمع حبوب اللقاح والتي تبدو داخل الإناء كالدقيق ذات لون أصفر شمعي، ويعرف محليا باسم (القمح). ويسمى في تونس (الذكار).
ب – عملية التلقيح
يفضل أن تتم عملية التلقيح خلال 2 – 10 أيام بعد تفتح الطلع الانثوي ,وتختلف الفترة من صنف لأخر وحسب قابلية او استعداد مياسم الازهار لاستقبال حبوب اللقاح ، و لإجراء عملية التلقيح يقوم الفلاح بوضع قليل من حبوب اللقاح في قطعة قماش رقيقة ومسامية وتلف أطراف قطعة القماش حول عصا من الخشب أو جريد النخيل بحيث يكون جزء منها ممتد حتى نهاية القماش ثم يربط القماش بإحكام حول قطعة الخشب فتكون حبوب اللقاح داخل القماش وتسمى هذه (صرار) أي صرة، وعندما يريد الفلاح تلقيح النخلة يأخذ هذه الصرة ويضرب بها الأزهار المؤنثة فتنطلق حبوب اللقاح متطايرة على شكل غبار لتستقر على الأزهار المؤنثة ثم تؤخذ 3 – 4 شماريخ من تلك التي سبق وأخذ منها حبوب اللقاح وتربط مع الأزهار المؤنثة باستخدام خوص النخيل بحيث تكون الشماريخ في وسط طلعة النخلة. وعندما يمتلك الفلاح عدد بسيط من النخيل وتكون هناك كميات كافية من (السف) متوفرة يقوم الفلاح بأخذ عدد من شماريخ السف ويهزها على طلعة النخلة حيث تنطلق حبوب اللقاح كالغبار ثم يقوم الفلاح بربط هذه الشماريخ مع طلعة النخلة بخوص النخيل وذلك ليضمن تلقيح كل أزهار النخلة. والمثل الشعبي يجمع بين (النبات) و(القمح) وهو «حط نبات ولا قُمح» وهو يقال في حالة الحث على إنجاح الشيء بتزويده بلوازمه مثلما تحتاج عملية تلقيح النخلة إما لجزء من النبات أو بنثر دقيق القمح.
وفي الطائف اعتاد مزارعو النخيل تلقيح أو تأبير النخيل بعد الفلق وهو خروج العذوق من أكمامها ;الكافور وذلك بنزع الكافور عن العذق ووضع شماريخ اللقاح التي تؤخذ من ;الفحال ; وهو ذكرالنخل وما يتبعها من عملية الجرد أو التقليم أو التنظيف ، ويفضل التبكير به وإن تأخر بعض الأيام فلا بأس لكن في أيام الحميم وهي الأيام الأخيرة من الفلق يجب عدم التأخير أو التبكير . ان عملية اللقاح بأنها تتم بوضع شماريخ الفحال داخل العذق ورؤوسها إلى أعلى والبعض الآخر إلى الأسفل ليصل اللقاح إلى كل العذق ، وبعد ذلك يتم ربطها بالخوص ، وأثناء عملية التلقيح يفضل قص شماريخ العذق إذا كانت طويلة ما يعادل قبضة اليد كما يفضل خلع أو قص بعض العذوق إذا كانت كثيرة للتخفيف عن النخلة ولضمان جودة الثمرة وكبرها خاصة الصيفي منها وليست ;المبكرة وبعد هذه العملية يلتزم بالاقتصاد في المياه ) الري ( وخاصة في فصل الشتاء حتى اكتمال الثمر واستدارته في العذق مؤكدا أنه لا يفضل التلقيح أثناء نزول المطر مباشرة ولا أثناء هبوب العواصف والرياح . المزارعين اعتادوا على نسج أهازيجهم الخاصة وترديدها أثناء التلقيح قولهم
لا اله الا الله يالله عليك توكلنا
اللهم منا اللقاح وعليك الصلاح أصلحها يا والينا
افلحي الله يسويك منا اللقاح ومن الله الثبات . و الأهازيج تختلف من مكان لآخر ، ويختلف المزارعون في اداء الاشعار والأهازيج فقبل البدء بالتلقيح يقول
ذي بطيط وذي بطيط والكنف مليان لقاح
ويصدر صوتاً عند البدء في تلقيح النخيل وبعد الطلوع على النخلة وعند وضعه على جريد النخلة يقول المزارع /لا اله الا الله محمد رسول الله اللهم عليك توكلنا أصلحها يا والينا وواليها وبعدها .
آبر
العامل الذي يقوم بعملية التلقيح في النخيل ، وقد جاء في ” تاج العروس ” أبر النخل والزرع ولذلك يصح إطلاق اللفظ على التلقيح الصناعي الذي يقوم به الإنسان في النخل وغيرها من النباتات وربما استعمل كلمة مؤبر أسهل ويسمى في السودان (القفاز) ويلقح النخلة القصيرة مقابل أن يكون أجره عذق (سبيطة) وللنخلة الطويلة (سبيطتين).
نباته
عدد من الشماريخ المذكرة. وتسمى في البصرة (لقاح ) وفي وسط العراق (كش) وفي مصر تسمى حزمة الشماريخ الذكرية التي توضع في اغريض الأنثى (لقمة).
نبات الشمراخ الذكري وتسمى الازهار المذكرة في البحرين (السف).
الدخ
(حبوب اللقاح) دقيق ناعم كالطحين ويكون مبلل بالرطوبة وله رائحة عطرية اشبه بمني الانسان. ويسمى في قطر تسمى بودرة حبوب اللقاح( قمح).
الاجمار الانتهاء من عملية التلقيح ويقال (اجمر الناس أي فرغوا من اللقاح).
الفاتر (قفش،افلج،فاثر)هو الشمراخ الزهري الأنثوي عندما يكون جاهزا للتلقيح.