مما لا شك فيه، ان موطن الاصل للحنطة في غرب اسيا، وتحديدا في شمال العراق والحدود العراقية التركية الايرانية، منحها ضمن ظروف الانتخاب الطبيعي لألاف السنين، القدرة على النمو والتطور والبقاء ومن ثم الانتشار والاكثار الى عموم منطقة غرب ووسط اسيا وفي الظروف الديمية ان تتعرض لموجات الجفاف وشحة وإحتباس سقوط الامطار الى حصول نوع من التعرية الوراثية وفقدان الكثير من الأصول الوراثية على مبدأ البقاء للاصلح والاقوى. وعليه، فان التحدي الواقع على مربي الحنطة يفترض الاستمرار بالتفتيش والبحث عن مصادر وراثية يمكن تطويرها الى اصناف جديدة تتحمل ظروف شد الجفاف، بما يمكنَها اعطاء حاصل حبوب جيد نسبياً في سنوات القحط والجفاف وعالٍ في السنوات الوفيرة الامطار. اهتمت المراكز الدولية المتخصصة ضمن المجموعة الاستشارية الدولية للبحوث الزراعية CGIAR متمثلة بالمركز الدولي لتحسين الذرة والقمح CIMMYT ومركز البحوث الزراعية في المناطق الجافة ICARDA و ICRISAT وكذلك على المستوى الوطني في منظمة الطاقة الذرية العراقية (وزارة العلوم والتكنولوجيا حالياً) بالعمل الدؤوب والجهد العلمي في استكشاف وانتخاب وتربية الحنطة بالطرائق التقليدية والبديلة او المكملة لأستنباط اصناف تتميز بالقدرة الانتاجية الجيدة وتحمل الجفاف او مقاومته. تتلخص هذه النشاطات العلمية بمتابعة ومعرفة تعقيدات المناخ وتداخلاتها مع الظروف البيئية الاخرى لتكوين قاعدة بيانات وخبرات معرفية تتعلق بمتابعة طبيعة سقوط الامطار وتوزيعها وتوقيتات احتباسها على وفق كل بيئة تزرع فيها الحنطة. تم تقسيم مناطق الزراعة الى بيئات كبرى آخذين بنظر الاعتبار توقيتات حدوث الجفاف وشحة الامطار سواءً كان مبكراً (في اول موسم النمو) او متأخراً (اواخر موسم النمو) او شديداً (طيلة موسم النمو) من جهة وكميات الامطار الساقطة والمتوفرة للنبات في دورة نموه او ما يتم اختزانه في التربة.
